«المعارضة منقسمة بصورة مريعة، وتمتلئ بالقادة النرجسيين والشخصانيين، والذين هم مهتمون أكثر بأن يتزعّموا أحزابهم، على أن يتوحّدوا لإطاحة النخبة الفاسدة»، بهذه الكلمات شخّص مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى السابق ديفيد شينكر، الوضع الحالي للبنان، قُبيل إجراء الانتخابات النيابية، مؤكدا أن «هناك نحو 100 حزب تترشّح في الانتخابات، بينها الأحزاب المعتادة وأيضاً كل هذه الأحزاب الصغيرة»، معتقداً أنها «ستأكل بعضها بعضاً، ولن تربح ما يكفي من المقاعد لإحداث تحوّل في التوازن».
وقال شينكر: «أنا شخصياً لست متفائلاً بهذه الانتخابات، ولا أعتقد أنّ على الإدارة الأمريكية أن تراهن عليها. هناك نظام معطّل في لبنان، والانتخابات - وفق قوانين انتخابية كهذه - لن تصلحه بصورة واضحة».
وخلال ندوة أجراها معهد واشنطن، تحت عنوان «ديناميات حزب الله والشيعة وانتخابات لبنان: التحدّيات والفرص والتداعيات السياسية»، صرّح شينكر بأنّ بلاده في عهد ترمب «فرضت عقوبات على مؤسسات حزب الله المالية، وعلى بنك الجمّال، وعمدت إلى مزامنة ذلك مباشرةً بعد قيام وكالة موديز للتصنيف الائتماني بخفض تصنيف لبنان».
وأضاف، «كنّا نحن من يقف خلف قرار خفض تصنيف لبنان الائتماني، وإدارة ترمب كانت حريصة على مزامنة إعلان خفض التصنيف مع فرضها عقوبات على بنك الجمّال، إذ فرضتها حينها في اليوم التالي فوراً».
ولفت في هذا السياق إلى أنّ «واشنطن لم تكتفِ بهذا الحدّ، بل فرضت أيضاً عقوبات على حليف حزب الله، رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل». وبشأن مشروع الاستثمار الأمريكي في قوى «المجتمع المدني»، أقرّ شينكر بأنّ واشنطن كانت تبحث عن «الفرص السياسية»، بعد أن رأت أنّ «هناك فرصة في هزيمة حزب الله، كما في الانتخابات البلدية عام 2016»، مستشهداً بحالة «بيروت مدينتي» خلال الانتخابات البلدية، التي أرادوا البناء عليها. وبشأن العمل على خلق قوى بديلة في «المجتمع الشيعي» ضد حزب الله، أفاد شينكر بأنّ واشنطن «زرعت رجال أعمال شيعة»، مشيراً إلى أنّه «خلال توليه منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، سافر إلى لبنان عدة مرات، وفي كل مرةٍ كان يعقد لقاءات علنية مع رجال أعمال وصحافيين شيعة معارضين لحزب الله».
وأوضح أنّ هدف هذه اللقاءات كان يتمحور حول «الترويج لفرص خطط اقتصادية للمناطق الشيعية، للمساعدة على إضعاف اعتماد هذه المناطق على حزب الله».
أمّا عن توقّعاته عما ستؤول إليه الانتخابات النيابية، فقال شينكر إنّه «على الرغم من الاحتجاجات التي حدثت عام 2019، والسخط الشعبي المتّسع في لبنان، فإنني لا أرى أنّ الانتخابات ستغيّر الوضع بصورة دراماتيكية».
وأشار إلى مسألة الهجوم على التيار الوطني الحر و«تصويره على أنّه فاسد» بسبب علاقته بحزب الله، معتبراً أنّه «ليس من الواضح إن كان هذا الأسلوب سيؤثّر في خيارات القاعدة التصويتية المسيحية كما يراد لها».